شرح كتاب التوحيد : الدرس 26 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب ما جاء في الكهان ونحوهم روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . رواه أبو داود.
الحديث الأول باب ما جاء في الكهان و نحوهم ؛ أي المنجمين و العرافين و المشعوذين قال : روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما . ليس فيه فصدقه و إنما هذه وهم ، وإنما هي من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما و ليس فيها أي الرواية فصدقه .
و إنما رواية أحمد هي التي فيها فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد . و المقصود أن الذي يأتي العراف ؛ كما يقول أهل العلم له أربعة أحوال ، الذي يأتي هؤلاء العرافين و الكهنة و المنجمين و السحرة و غيرهم ، الذي يأتي هؤلاء له أربعة أحوال :
ـ إما أن يسألهم و يصدقهم : وهذا كفر ، لأنه اعتقد أن غير الله يعلم الغيب ؛ لأن هؤلاء يتكلمون بالغيب سيحدث كذا و كذا ، عراف منجم كاهن ، فهذا يدعي أنه يعلم الغيب ، فإذا سأله أحد و صدقه فقد كفر لأنه أعطاه صفة من صفات الله تبارك و تعالى و هي : عالم الغيب و الشهادة .
ـ الحالة الثانية : أن يسأله و لا يصدقه و إنما مجرد سؤال ، هذا الذي لا تقبل له صلاة أربعين يوما ، و معنى لا تقبل له الصلاة أي لا يؤجر عليها و لا يطالب بإعادتها ، لا يقال له أعد تلك الصلوات يؤمر بأدائها لكن بدون أجر فقط يسقط عنه الواجب .
نحن الآن عندما نصلي نحصل أمرين : سقط عنا الواجب و هي الصلاة التي أوجبها الله علينا ، و أخذنا الجزاء الأجر من عند الله تبارك و تعالى ، و الذي يأتي العراف و يسأله يسقط عنه الواجب لكن لا يؤجر على هذه الصلاة لمدة أربعين يوما .
ـ الصورة الثالثة : أن يسأله ليختبره ، كأن يكون الإنسان هذا متهم بين الناس أنه منجم أو ساحر أو كاهن ، و هذا يريد أن يثتبت يخشى أنه مظلوم و أن الناس يدعون عليه ذلك ، وهو ليس كذلك فيسأله ليختبره كما اختبر النبي صلى الله عليه و سلم ابن صياد الذي هو صافن ؛ إذا كان من هذا الباب فهو جائز ؛ أن يسأله ليختبره ليتأكد هل هو فعلا كاهن أو ساحر أو مشعوذ أم لا ؟
ـ الصورة الرابعة : وهي أن يسأله ليفضحه ، يريد أن يحرجه أمام الناس ليفضحه فهذا جائز و قد يكون واجبا إذا احتيج إلى ذلك و الله أعلم .
وللأربعة والحاكم وقال : صحيح على شرطهما عن أبي هريرة : من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفا.
و هذا ضعفه الإمام البخاري ، يعني هذا الحديث ، و حسنه غيره فهو من الأحاديث المختلف في صحتها .
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعا : ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له؛ ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه البزار بإسناد جيد.
ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: ومن أتى إلى آخره.
وهذا ليس
منا من تطير أو تطير له يعني استخدم التطير وهو زجر الطير و ينظر هل يذهب إلى يمين أو شمال ثم يفعل ما أمره به الطير و العياذ بالله ، الثاني قال : أو تكهن أو تكهن له، يعني هو تكهن للناس سار كاهنا أو تكهن له سأل كاهنا .
الرابع : أو سحر أو سحر له؛ يعني كان هو الساحر أو هو الذي ذهب إلى الساحر ، قال : ومن أتى
كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
و هذا الحديث له طرق لا يخلو طريق من ضعف و لكن من حسنه من أهل العلم فإنما حسنه بمجموع طرقه ، فقد تجد بعض أهل العلم يضعفون هذا الحديث لأن طرقه كلها ضعيفة و بعض أهل العلم يحسنه فجمع هذه الطرق و رأى أنه يقوي بعضها بعضا ، و الحديث الذي بعده من هذه ، و هو من الطرق الضعيفة التي قوي بها هذا الحديث و فيه زمعة بن صالح .
أحسن الله إليكم قال رحمه الله : قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، ونحو ذلك. وقيل: هو الكاهن. والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل. وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس بن تيمية: العراف: اسم الكاهن والمنجم والرمال ونحوهم، ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق. وقال ابن عباس - في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق .
عندنا العراف و الكاهن ، العراف قال : هو الذي يدعي معرفة الأمور الغيبية ، فيسمى عرافا ، والكاهن كذلك هو الذي يتكهن ما الذي سيحدث في المستقبل ، أو يدعي أنه يعرف ما في قلوب الناس ، يقال أن هذا كاهن .
وذكر عن أحد الخلفاء العباسيين قيل أنه المأمون جاءه رجل مدع للنبوة فقال له : أنت نبي ؟ قال : نعم ، قال : و ما آيتك ؟ يعني المعجزات التي عندك ، قال : أعرف ما في قلوب الناس ، قال : فماذا في قلبي ؟ قال : في قلبك أني كذاب . قال : صدقت .
فالمهم أن الكهنة و العرافين هؤلاء هم يدعون معرفة ما في قلوب الناس ، أو يعرفون ما يكون من الغيب فيسمى عرافا أو كاهنا .
و أما قول ابن عباس رضي الله عنه في قوم يكتبون أبا جاد ، أبا جاد هذه التي نستخدمها نحن في كتاباتنا الذي هو : ألف باء جيم دال و تسمى أ ب ج د ه و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ ، و هذه أحرف كانوا يستخدمونها لمعرفة الأرقام ، يجعلون لكل حرف رقما .
و هي : أ ب ج د ه و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ ، وهذه الكلمات هي عبارة عن أحرف و كل حرف من هذه الأحرف له رقم ، فأبجد : أ 1 ـ ب 2 ـ ج 3 ـ د 4 ، هوز : هـ 5 ـ و 6 ـ ز 7 ، حطي : ح 8 ـ ط 9 ـ ي 10 ، ثم يبدؤون بالعشرات ، عشرين ثلاثين أربعين ، ثم يبدؤون بالمئات ، ثلاث مائة أربع مائة وهكذا ، حتى يصلون إلى آخر حرف منها و هو الغين و هو عبارة عن ألف .
وهذه الحروف يستخدمونها و يعرفون من خلالها السنين و هذه لا بأس بها كمعرفة ، بل ذكروا أن الشيخ محمد جميل الغازي رحمه الله تبارك و تعالى لما ناظر النصارى ، كان يناظرهم في السودان ، لما ناظرهم و قالوا له : ما الذي يثبت أن محمد نبي و أنه مبشر به ، قال : موجود في التوراة أنه يأتي نبي من بعدي اسمه إيلياء ، قال : اجمعوا حروف إلياء و أحمد في أبجد هوز تجدونها واحدة .
فجمعوا حروف إلياء عن طريق أبجد هوز ، و حروف أحمد عن طريق أبجد هوز فتوافقا الرقمان ، و أحد هؤلاء القساوسة أسلم بعد ذلك .
فعلى كل حال المهم أبا جاد هي هذه : ألف باء جيم دال هاء واو التي نستخدمها نحن في كتاباتنا . لكن القصد هنا أن بعضهم يستدل من خلال هذه أبجد هوز على أمور غيبية ، قال ابن عباس رضي الله عنه لا أرى لهم خلاق في هذا الأمر ، لأنهم كانوا يستخدمونها على أمور لمعرفة الغيب ، أما إذا استخدمت كأرقام فلا بأس بها .
أحسن الله إليكم فيه مسائل:
ـ الأولى: لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
ـ الثانية: التصريح بأنه كفر.
ـ الثالثة: ذكر من تكهن له.
ـ الرابعة: ذكر من تطير له.
ـ الخامسة: ذكر من سحر له.
ـ السادسة: ذكر من تعلم أبا جاد.
ـ السابعة: ذكر الفرق بين الكاهن والعراف.
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة