شرح كتاب التوحيد : الدرس 15 / الشيخ عثمان الخميس

 

شرح كتاب التوحيد : الدرس 15 / الشيخ عثمان الخميس

شرح كتاب التوحيد : الدرس 15 / الشيخ عثمان الخميس

 

أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب قول الله تعالى : أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون ، ولا يستطيعون لهم نصرا ، الآية .
 
 وقوله : والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، الآية ، وفي الصحيح عن أنس قال : شُجَّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكُسِرت ربَاعِيتُه فقال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ، فنزلت ليس لك من الأمر شيء .
 
 وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر : اللهم العن فلانا وفلانا بعدما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، فأنزل الله : ليس لك من الأمر شيء ، وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية و سهيل بن عمر والحارث بن هشام فنزلت : ليس لك من الأمر شيء .
 
باب قول الله تبارك وتعالى : أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون ، ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون ، يبين الله تبارك وتعالى أن هؤلاء الذين يدعون غير الله تبارك وتعالى ، يدعون ما لا ينفعهم بل ولا يملك لهم ضراً ، وما أحسن قول الله تبارك وتعالى : والذين تدعون من دون الله ما يملكون من قطمير ، القِطمير لا يملكونه ، وهو الغِطاء الذي يكون على نواة التمرة ، ما يملكون من قِطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم .
 
ثم ختمها بقوله : و لا ينبئك مثل خبير ، سبحانه وتعالى ؛ يعني ذكر خمسة أمور لو فكر العاقل فيها لحسم الأمر وانتهى ، قال : لا يملكون من قطمير ، ما يملكون شيئا ، وإن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ، لأنها أصنام ، أحجار لا تسمع لا تعي لا تعقل .
 
 ولذا قال إبراهيم : هل يسمعونكم إذ تدعون؟ أو ينفعونكم أو يضرون؟ وقال صلوات ربي وسلامه عليه : أفتعبدون من دون الله من لا ينفعكم ولا يضركم شيئا ، كيف؟ قال : ولو سمعوا ، ما استجابوا لكم؟ بعد ذلك قال : ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، والذي يخبرك بهذا هو الخبير سبحانه وتعالى .
 
 لذلك العاقل يعي مثل هذا ؛ لأنه يخاطب العقلاء ، ولذا كثيرا في القرآن تجد : أفلا يعقلون ، أفلا تتذكرون ، أفلا يذكرون ، أفلا تتفكرون ، لعلكم تذكرون ، وهكذا يخاطب العقول ، انتبهوا إلى أين يأخذكم الشيطان أعاذنا الله وإياكم من الشيطان  .
 
قال وفي الصحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شج يوم أحد ، شج رأسه وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وسال الدم على وجهه صلوات ربي وسلامه عليه ، وكان يمسح الدم عن وجهه ويقول كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيه ، كيف يفلحون ؟ وقنت عليهم شهراً صلى الله عليه وسلم يدعو عليهم صلوات ربي وسلامه عليه .
 
فأنزل الله : ليس لك من الأمر شيء ، أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ، هذا الأمر لله ، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من القنوت عليهم ، يقول أنت ادعو استمر على ما أنت عليه لكن لا تلعن ، ليس لك من الأمر شيء .
 
 وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلعن صفوان بن أمية وسهيل بن عمر والحارث بن هشام ، وهؤلاء الثلاثة أسلموا بعد ذلك ، و لذلك العليم الخبير سبحانه وتعالى يقول له : لا تلعنهم ، هؤلاء سيسلمون سيدخلون في دين الله تبارك وتعالى ، لا تلعنهم ، لكن الرسول لا يعلم أنهم سيسلمون ، لو كان يعلم إسلامهم ما لعنهم كان دعا لهم .
 
 ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم جاءه الطفيل بن عمر الدوسي قال يا رسول الله : إن دوسا تمنعت علي فدعو عليهم فرفع يديه وقال اللهم هدي دوساً اللهم هدي دوساً ، فهداهم الله تبارك وتعالى .
 
فالقصد أن الله تبارك وتعالى هنا لما لعن النبي صلى الله عليه وسلم أولئك الكفار ؛ نهاه عن ذلك وقال : ليس لك من الأمر شيء أو يعذبهم أو يتوب عليهم ، فهو راجع لله تبارك وتعالى ، وفعلاً تاب الله عليهم بأن هداهم ، ثم لما تابوا قبل الله توبتهم سبحانه وتعالى وحسن إسلامهم جميعاً . 
 
سهيل بن عمر وصفوان بن أمية والحارث بن هشام رضي الله عنهم أجمعين ، نعم أحسن الله إليكم وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه : وأنذر عشيرتك الأقربين ، فقال يا معشر قريش ، أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا ، ويا فاطمة بنت محمد سليني مِن مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا .
 
نعم وهذا جاء أيضاً برواية أبي هريرة رضي الله عنه أنه لما نزل قول الله تبارك وتعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين ، أيضاً قام النبي صلى الله عليه وسلم قالوا صباحاً فاجتمعوا إليه ، فقال إليهم قريباً من هذا الكلام ، فالقصد أن النبي صلى الله عليه و سلم لا يملك لأحد شيئا وأن الأمر كله بيد الله سبحانه و تعالى ، حتى فاطمة بنت الرسول ، حتى صفية عمة الرسول ، حتى العباس عم الرسول ، أقرب الناس إليه صلوات ربي وسلام عليه من حيث النسب ، مع هذا قال لهم لا أملك لكم من الله شيئا ، صلوات ربي وسلامه وعليه .
 
 نعم أحسن الله إليكم فيه مسائل : 
 
ـ الأولى تفسير الآيتين .
 
ـ الثانية قصة أحد .
 
ـ الثالثة قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة .
 
ـ الرابعة أن المدعو عليهم كفار .

 

 طبعا هؤلاء الثلاثة سهيل بن عمر وصفوان بن أمية والحارث كانوا من رؤوس قريش خاصة بعد موت كبار قريش في بدر ، فهؤلاء صاروا هم الرؤوس .

 
وسهيل بن عمرو هو الذي بعد ذلك وقع صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء رؤوس قريش ، هؤلاء الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم .
 
ـ الخامسة أنهم فعلوا أشياء لا يفعلها غالب الكفار منها شجهم نبيهم وحرصهم على قتله ، ومنها التمثيل بالقتل ، مع أنهم بنوا عمهم .
 
ـ السادسة أنزل الله عليه في ذلك ليس لك من الأمر شيء .
 
ـ السابعة قوله أو يتوب عليهم أو يعذبهم ، فتاب عليهم وآمنوا .
 
ـ الثامنة القنوت في النوازل .
 
ـ التاسعة تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء أبائهم .
 
ـ العاشرة لعن المعين في القنوت .
 
ـ الحادية عشرة قصته صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه وأنذر عشيرتك الأقربين .
 
ـ الثانية عشرة جده صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون وكذلك لو يفعله مسلم الآن .
 
ـ الثالثة عشرة قوله للأبعد والأقرب لا أغني عنك من الله شيئا حتى قال : يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا ، فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين ، وآمن الإنسان بأنه لا يقول إلا الحق ، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس اليوم تبين له ترك التوحيد وغربة الدين .
 
 طبعاً في ذلك الوقت صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم هي أم الزبير بن العوام كانت قد أسلمت ، وفاطمة أسلمت مع أبيها ، أما العباس فكان لم يسلم بعد ومع هذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وخصهم لقرابتهم له صلوات ربي وسلامه عليه ، وهذا يبين : وأنذر عشيرتك الأقربين ، ولا شك أن قريشا كلها عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن مع هذا ناد الأقرب فالأقرب صلى الله عليه وسلم .
 
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
 
 

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال