شرح كتاب التوحيد : الدرس 16 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب قول الله تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير .
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان ، ينفذهم ذلك حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ، فيسمعها مسترق السمع ، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ، وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ، ثم يُلقيها الآخر إلى من تحته حتى يُلقيها على لسان الساحر أو الكاهن ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يُلقيها وربما ألقاه قبل أن يُدركه ، فيكذب معها مئة كذبة فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا ، فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء .
نعم هذا باب قول الله تبارك وتعالى : حتى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير ، سبحانه وتعالى ، ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله إذا قضى بالأمر من السماء سبحانه وتعالى من العلو جل وعلا ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لهذا الأمر ، كلام الله تبارك وتعالى كأنها سلسلة على صفوان .
السلسلة على الصفوان عندما تضرب السلسلة على الصفوان هدوء ، تضرب هكذا الصوت يسمع ؛ ما تسمع أي شيء آخر غيره ، صفوان الحجارة الملساء ، فيقول كأن السلسلة على الصفوان من هدوئهم ، كما يقال هدوء تام لأنهم ينتظرون سماع كلام الله تباركه وتعالى .
حتى إذا فزع عن قلوبهم يعني فرّج عنهم ، قالوا ماذا قال ربكم يقول بعضهم لبعض قالوا الحق ، أي قال ربنا الحق ، وهو لا يقول إلا الحق وقوله الحق وهو الحق سبحانه وتعالى .
قال فيسمعها مسترق السمع ، مسترق السمع كما قال الله تبارك وتعالى عنهم : وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرصا شديداً وشهبا ، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدا .
الجن عندهم قدرات ليست عند الإنس فهم يصعدون إلى السماء الدنيا ، ما يدخلونها طبعًا لأن السماء محروسة بالملائكة لا يستطيع أحد أن يدخل ، أن ينفذ إليها أبداً ، ولذا لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل على الباب استأذن جبريل ومعه النبي صلى الله عليه وسلم السماء الأولى ، فالجن من باب أولى ، هم لا يملكون أن يدخلوا للسماء لكن يصعدون إلى قريب من السماء ، وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرصاً شديداً وشهباً ، أي بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم صارت ترسل إليهم الشهب يضربون بها .
وجعلناها رجوماً للشياطين ، فيستمع الجني ، كما يقال يخاطر بروحه لأنه قد يصيبه الشهاب فيقتله وقد يصيبه الشهاب ولا يقتله وقد لا يصيبه الشهاب بمراد الله تبارك وتعالى ، فإنه يفتن الناس بهم ، والله يبتلي الناس سبحانه وتعالى ، فيصعد هؤلاء الجن شياطين الجن إلى قريب من السماء ، فيستمعون الكلمة لأن الله عندما يقولها تنقلها الملائكة من سماء إلى سماء ، فيستمعون الذين في السماء الثانية ماذا يقول في السماء الأولى ، فيستمعون بعضهم فيلتقطون بعض هذا الكلام ، فينزلون إلى من يتعاونون معهم من السحرة والعرافين والمنجمين والمشعوذين فيأتون فيقولون قال كذا أو سيحصل كذا لأن هذا الأمر من الله ، مثل اسقوا أرض فلان أعطوا فلانا ولدا ، افتحوا لفلان خزائن كذا .
هذه الأوامر من الله تبارك وتعالى ، يسمع الشيطان هذا الأمر فينزل مباشرة إلى الساحر أو إلى المشعوذ كما قلنا أو المنجم فينزل إليه ويقول له سيحصل كذا في يوم كذا ، لكنه لأنه شيطان لا يكتفي بهذا بل يكذب حتى على الساحر صاحبه ، يكذب عليه فيصدق بواحدة ويكذب بمائة كذبة معها .
فهذا الساحر يفتن بهذا الشيطان ، فعندما يأتيه الناس ويسألونه ويقول لهم انظروا سيحصل كذا في يوم كذا ، ويحصل فعلا لأنهم سمعوا ذلك ؛ لكن الساحر لأنه التقط من الشيطان أيضا أكاذيب أخرى فيلقيها على الناس يظن أن الشيطان قد صدقه ، فالناس ينسون الكذب كله ويتذكرون هذه التي قال ستقع فوقعت فيقولون هذا الساحر مائة بالمائة ، فعلا قال كذا ووقع كما قال .
طيب قال أشياء كثيرة لم تقع ، قال المهم هذه وقعت أو ما وقعت ؟ فينسون الكذب ويقبلون ما صدق به الشيطان عندما قاله للساحر ، قال وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه ، قال أهل العلم يفعل هكذا يعني الجن واحد فوق الثاني ، هكذا حتى يصلوا إلى السماء الدنيا .
فبدد بين أصابعه فرق بينها في كف واحدة ، يرفعها هكذا أو هكذا بحيث الجن كيف يصعدون إلى السماء ، وأنا لمسنا السماء ، فيستمعون الكلمة فيلقونها إلى أوليائهم .
نعم أحسن الله إليكم قال رحمه الله تعالى وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر يتكلم بالوحي ؛ أخذت السماوات منه رجفة أو قال رعدة شديدة خوفا من الله ، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبرائيل فيكلمه الله من وحيه بما أراد ـ يقال جبرائيل و يقال جبريل سواء و ميكائيل و ميكال ـ ثم يمر جبرائيل على الملائكة كلما مر بسماء سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبرائيل فيقول جبرائيل قال الحق وهو العلي الكبير ، فيقولون كلهم مثل ما قال جبرائيل فينتهي جبرائيل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل .
نعم الحديث الأول في الصحيح لكن الحديث الثاني ، هذا حديث النواس بن سمعان فهذا فيه ضعف مداره على نعيم بن حماد و نعيم بن حماد كان يقال له أسد السنة ، نعيم بن حماد شيخ البخاري و يقال له أسد السنة لكن أهل السنة لا يجاملون ، يقال هو أسد السنة في اتباعها و الرد على المخالفين ، لكن سيء الحفظ فلا يقبلون حديثه لا يجاملون أحدا ، يقال نعيم بن حماد إمام متبع لكن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يخطئ فيه كثيراً ما يحفظ ، هذه موهبة الحفظ موهبة من الله سبحانه وتعالى ، في إنسان حافظته قوية ، في إنسان حافظته ضعيفة ، في إنسان حافظته وسط ؛ الناس يتفاوتون في هذا .
فنعيم بن حماد رحم الله تبارك وتعالى إمام ؛ يقال له أسد السنة وشيخ البخاري ومع هذا قال أهل العلم حديثه لا يقبل ، حديثه لا يقبل لماذا؟ لسوء حفظه رحمه الله تبارك وتعالى .
وهذا الحديث مداره عليه ، على نعيم بن حمّاد ، نعم أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى تفسير الآية .
ـ الثانية ما فيها من الحجة على إبطال الشرك خصوصا من تعلق على الصالحين وهي الآية التي قيل إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب .
ـ الثالثة تفسير قوله : قالوا الحق وهو العلي الكبير .
ـ الرابعة سبب سؤالهم عن ذلك .
ـ الخامسة أن جبريل يجيبهم بعد ذلك بقوله قال كذا وكذا .
ـ السادسة ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل .
ـ السابعة أنه يقول لأهل السماوات كلهم ، لأنهم يسألونه .
ـ الثامنة أن الغشية تعم أهل السماوات كلهم .
ـ التاسعة ارتجاف السماوات لكلام الله .
ـ العاشرة أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله .
ـ الحادية عشرة ذكر استراق الشياطين .
ـ الثانية عشرة صفة ركوب بعضهم بعضا .
طبعا هذا غالبا سفيان بن عيينة وأمثاله من أهل العلم لا يقولون هذا من عند أنفسهم فالأصل أن سفيان رحمه الله تبارك وتعالى سمعه من شيخه وشيخه سمعه من شيخه إلى أن يصل إلى أبي هريرة وأبو هريرة يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم في تصويره صعود الشياطين بعضهم على بعض و ليس من عنديات سفيان بن عيينة رحمه الله تبارك وتعالى .
ـ الثالثة عشرة سبب إرسال الشهاب .
ـ الرابعة عشرة أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه .
ـ الخامسة عشرة كون الكاهن يصدق بعض الأحيان .
ـ السادسة عشرة كونه يكذب معها مائة كذبة .
ـ السابعة عشرة أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء .
ـ الثامنة عشرة قبول النفوس للباطل ، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة .
ـ التاسعة عشرة كونهم يلقي بعضهم على بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها .
ـ العشرون إثبات الصفات خلافاً للمعطلة .
ـ الحادية والعشرون التصريح بأن تلك الرجفة والغشية خوفاً من الله عز وجل .
ـ الثانية والعشرون أنهم يخرون لله سجداً . نعم وحديث كما قلنا النواس بن سمعان وإن كان من حيث الإسناد ضعيفاً إلا أن حديث أبي هريرة يشهد له ؛ جل الذي فيه موجود في حديث أبي هريرة الذي في الصحيح .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة