شرح كتاب التوحيد : الدرس 17 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم ، قال المصنف رحمه الله تعالى : باب الشفاعة وقول الله عز وجل : وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع .
وقوله : قل لله الشفاعة جميعا ، وقوله : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، وقوله : وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى .
وقوله : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له .
نعم الشفاعة هي التوسط للغير ، نحن نسميها الواسطة ، التوسط للغير لجلب منفعة أو دفع مضرة ، وفيها إكرام للشافع ، وفيها نفع للمشفوع له ، فالذي يقبل الشفاعة فقد أكرم الشافع ونفع المشفوع له ، أو دفع ضرا عنه . وهذا نفع أيضا .
وهي جائزة أي الشفاعة بين الناس ، والكلام هنا عن الشفاعة عند الله تبارك وتعالى ، المقصود الشفاعة يوم القيامة ، هذه الشفاعة جعل الله تبارك و تعالى شرطين اثنين حتى تقبل وهما : الإذن والرضى ، الإذن بالشفاعة و الرضى عن الشافع والمشفوع له .
كما قال الله تبارك وتعالى : وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ، إذن الشفيع وارد لكن هؤلاء لا ينفعهم الشفيع ، ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ، ويقول : قل لله الشفاعة جميعا ، فأثبتها ولكن قيدها بأنها لله سبحانه وتعالى .
والله جل وعلا جعل لها شروطا حتى تقبل ولذا قال : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، فلا يجرؤ أحد ولا يملك أن يتكلم بالشفاعة حتى يأذن الله له ، إذا كان سيد الخلق صلوات ربي وسلامه عليه لا يشفع الشفاعة الكبرى حتى يقال له : يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع .
الآن بعد الإذن ، فغيره من باب أولى أنه لا يملك ولا يستطيع أن يتكلم بين يدي الرحمان تبارك وتعالى إلا إذا أذن الرحمان له سبحانه وتعالى ، وقال سبحانه وتعالى : وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء أن يشفع ويرضى عن الشافع وعن المشفوع له .
وقال : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له .
4 شروط أو 4 أمور قال : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة ، ملك منفرد لا يملكون ، كل الملك لله سبحانه لا يملكون شيئا أبدا ؛ إذن ملك لا يملكون ، وما لهم فيهما من شرك ، إذا لا يملكون ملكا تاما لوحدهم وليسوا شركاء في الملك طيب هذا الثاني ، وما له منهم من ظهير ، ما أحد أيضا ساعده حتى يكون له منة ، أو يكون له فضل .
بحيث أنه لما يشفع يقول له أنا ساعدتك ، لا أبدا ما له منهم من ظهير ، ثم الأخيرة ولا يشفعون إلا لمن أذن له ، كذلك الشفاعة ، إذن منع كل شيء سبحانه وتعالى حتى يكون الأمر كله عند الله تبارك وتعالى .
أحسن الله إليكم قال رحمه الله تعالى : قال أبو العباس : نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون ؛ فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه أو يكون عونا لله ولم يبقى إلا الشفاعة ، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب كما قال : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى .
فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة ، كما نفاها القرآن وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده لا يبدأ بالشفاعة أولا ، ثم يقال له ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطى ، واشفع تشفع .
قوله : ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع ، هذه الشفاعة الكبرى وهذا هو المقام المحمود ، وهذه هي الوسيلة والفضيلة التي أعطيها النبي صلى الله عليه وسلم .
فنحن عندما نسمع الأذان نقول : آتي محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود هو هذه الشفاعة الكبرى التي يشفع بها النبي صلى الله عليه وسلم بإذن ربه تبارك وتعالى .
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : من أسعد الناس بشفاعتك قال من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه ، فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله ولا تكون لمن أشرك بالله ، وحقيقته أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه وينال المقام المحمود .
فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك ، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل الإخلاص والتوحيد انتهى كلامه .
طبعا وأنكر الشفاعة المعتزلة والخوارج ، أنكروا الشفاعة لأنهم يحكمون على أهل الكبائر أنهم مخلدون في نار جهنم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فالشفاعة لأهل الكبائر .
قد يقول قائل : طيب وأهل الصغائر ؟ أهل الصغائر مغفورة صغائرهم ، إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ؛ مغفورة من عند الله ، ما يحتاجون إلى الشفاعة لأنها مغفورة بفضل الله تبارك وتعالى ومنه .
أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى تفسير الآيات .
ـ الثانية صفة الشفاعة المنفية .
ـ الثالثة صفة الشفاعة المثبتة .
المنفية التي تكون بدون إذن ولا رضى والمثبتة هي التي تكون بإذن ورضى .
ـ الرابعة ذكر الشفاعة الكبرى وهي المقام المحمود .
ـ الخامسة صفة ما يفعله صلى الله عليه وسلم أنه لا يبدأ بالشفاعة بل يسجد فإذا أذن له شفع .
ـ السادسة من أسعد الناس بها .
ـ السابعة أنها لا تكون لمن أشرك بالله .
ـ الثامنة بيان حقيقتها .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة