شرح كتاب التوحيد : الدرس 21 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب ما جاء في أن الغلو في قبور الصالحين يسيرها أوثانا تعبد من دون الله ، روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
و لابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد أفرأيتم اللات والعزى قال : كان يلت لهم السَّويق ، فمات ، فعكفوا على قبره . وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباسٍ : كان يلت السَّويق للحاجِّ .
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم زائرات القبور و المتخذين عليه المساجد والسرج . رواه أهل السنن .
ما جاء في أن الغلو في قبور الصالحين يسيرها أوثانا تعبد من دون الله تبارك وتعالى ، هذه وسائل ، لذلك الإسلام جاء بمنع الشرك و منع الوسائل التي توصل إلى الشرك ؛ و هي ما تسمى بسد الذرائع ، و هي الوسائل التي توصل إلى الممنوع .
و الوسائل كثيرة جدا ، التي يتوصلون بها إلى الشرك بالله تبارك و تعالى ، أو توصلهم إلى الشرك بالله تبارك و تعالى ، من ذلك دعاؤها ، يعني دعاء هذه القبور ، أو الدعاء عندها .
يعتقد أن الدعاء عند القبر أفضل من الدعاء حتى لو كان في المسجد ، الدعاء عند القبر عنده أفضل ، كذلك الطواف حول هذه القبور ، أو التمسح بهذه القبور ، أو النذر لهذه القبور ، أو الذبح عند هذه القبور ، أو الصلاة عندها ، أو الاستشفاع ، أو الاعتقاد أنها مباركة ـ هذه القبور عندما يجلس عندها أو يدعو عندها يتبرك بهذه القبور .
كل هذا من صور الغلو في قبور الصالحين و ليس بالضرورة أن الأصنام التي تعبد كلها يعني كمثل فرعون و النمرود كان يدعو إلى عبادة نفسه ، الذين ادعوا في زمن نوح : وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا. رجال صالحون أتقياء ، لكن هم سيروهم أوثانا .
عيسى بن مريم نبي كريم من أولي العزم من الرسل صلوات ربي وسلامه عليه عبدوه من دون الله ، هذا لا يعني أنه ملام على هذا الأمر و إنما هم الذين يلامون على هذا الأمر .
اللات التي تدعا من دون الله تبارك و تعالى هي مجسم ، يعني هي صخرة لكن تمثل رجلا كان يلت السويق للحاج ، أي يطعم الحجاج ، وكان الناس في السابق يتسارعون و يتسابقون و يتنافسون في إكرام الحاج .
هناك من يأخذ السقاية و هناك من يأخذ الرفادة ، و هناك من يأخذ إطعام الحجاج و غير ذلك ، كانوا يتسابقون على هذا الأمر ، بل هاشم جد النبي صلى الله عليه و سلم سمي هاشما من هشمه اللحم مع الثريد ويقدمه للناس ؛ وإلا فاسمه عمرو .
و العباس يقول للنبي صلى الله عليه وسلم اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، فكانوا يتسابقون على إكرام الحجيج ولذا قال أبو جهل : تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف : أطعموا فأطعمنا ، و أعطوا فأعطينا ، فكانوا يتنافسون على هذا الأمر على خدمة حجاج بيت الله تبارك و تعالى .
وإن كان ذلك الوقت الحج شركيا لكن هذا الذي بقي لهم من دين ابراهيم صلوات ربي و سلامه عليه ، و هنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
وهذا الحديث فيه كلام ؛ هو مرسل عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عطاء تابعي فهو مرسل لا يثبت و لكن ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . وهذا أخرجه أحمد لو جاء به كان أولى من هذا .
على كل حال المعنى صحيح و قد مر بنا قبل قليل أحاديث في الصحيحين عن هذا الأمر ، قال : ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد : أفرأيتم اللات والعزى ، قال كان يلت لهم السويق كما ذكرنا .
قال وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور و المتخذين عليها المساجد و السرج ، وهذا الحديث فيه باذام وهو ضعيف و لم يسمع من ابن عباس فالحديث منقطع و ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم .
أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى تفسير الأوثان .
ـ الثانية تفسير العبادة .
ـ الثالثة أنه صلى الله عليه وسلم لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعه .
ـ الرابعة قرنه بهذا اتخاذ قبور الأنبياء مساجد .
ـ الخامسة ذكر شدة الغضب من الله .
ـ السادسة و هي من أهمها معرفة صفة عبادة اللات التي هي من أكبر الأوثان .
ـ السابعة معرفة أنه قبر رجل صالح .
ـ الثامنة أنه اسم صاحب القبر و ذكر معنى التسمية .
ـ التاسعة لعنه زوارات القبور .
ـ العاشرة لعنه من أسرجها .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة