شرح كتاب التوحيد : الدرس 20 / الشيخ عثمان الخميس

 

شرح كتاب التوحيد : الدرس 20 / الشيخ عثمان الخميس

شرح كتاب التوحيد : الدرس 20 / الشيخ عثمان الخميس

 
أحسن الله إليكم قال رحمه الله تعالى : باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح ، فكيف إذا عبده ؟ فكيف إذا عبده يعني كيف إذا عبد الرجل الصالح أو عبد القبر ، الضمير يعود على القبر أو على الرجل الصالح .
 
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة و ما فيها من الصور ، فقال : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح ، أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله .
 
فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين : فتنة القبور ، وفتنة التماثيل ، ولهما عنها قالت : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها فقال و هو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . يحذر ما صنعوا و لولا ذلك لأبرز قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا . أخرجاه .
 
و لمسلم عن جندب بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا ، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا و إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ، فقد نهى عنه في آخر حياته ، ثم إنه لعن وهو في السياق من فعله والصلاة عندها من ذلك و إن لم يبنى مسجد .

و معنى قولها : خشي أن يتخذ مسجدا ؛ فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا ، و كل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدا ، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدا كما قال صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا .

ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : إن من شرار الناس من تدركهم الساعة و هم أحياء و الذين يتخذون القبور مساجد . رواه أبو حاتم في صحيحه .

قال : باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر ، و العبادة ليست متوقفة على السجود و إنما قراءة القرآن الدعاء اتخاذها وسيلة كل هذه الأشياء من العبادة التي منع الله تبارك و تعالى منها جل في علاه .

و قوله عن عائشة أن أم سلمة ذكرت لرسول الله كنيسة رأتها بالحبشة ، هذا الحديث اشتهر برواية أم سلمة و أم حبيبة رضي الله عنهما ، كلتاهما كانت في الحبشة و هاجرتا الهجرة الثانية إلى الحبشة و استمرتا فيها حتى تزوجهما النبي صلى الله عليه وسلم ، وتزوج أم حبيبة ثم تزوج بعد ذلك أم سلمة رضي الله عنهما .

ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة ، ويقال لهذه الكنيسة كنيسة ماريا ، والحبشة معروفة الآن هي أثيوبيا هذه هي الحبشة في السابق ؛ و أيضا الآن تسمى الحبشة عند البعض .

فقال : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق ، وليس المقصود لا بد من بناء مسجد .
 
و إنما كما ذكر المؤلف : كل ما اتخذ مكانا للعبادة فهو مسجد ، أي يسجد فيه ، مسجد أي يسجد فيه ، كما قال الله تبارك و تعالى : و أن المساجد لله ، أي السجود لله فلا تدعوا مع الله أحدا ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، ومعلوم أن الأرض مسجدا أي يسجد فيها ، و ليس مسجدا أن كل الأرض عبارة عن مساجد ـ هذه المبنية المعروفة التي يصلي فيها الناس كمسجدنا هذا .
 
و إنما القصد جعلت لي الأرض مسجدا أي مكانا للسجود ، وكذا قوله تبارك و تعالى عن أهل الكهف أنهم قالوا : لنتخذن عليهم مسجدا ، أي مكانا للعبادة لأنهم هدموا ما كانوا فيه من الصومعة ، فقالوا : لنتخذن عليهم مسجدا ، هذا لا يبنى فيه مسجد هم في جبل في صومعة ، وإنما يقصدون مسجدا أي مكانا للعبادة .
 
فالقصد أن بناء المساجد على القبور أو دفن الأموات في المساجد كل هذا لا يجوز ، و نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ تقول عائشة رضي الله عنها : يحذر ما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره ، يعني الصحابة رضي الله تعالى عنهم لم يبرزوا قبر النبي ، إذ قال الأنبياء يدفنون حيث يموتون .
 
ومات صلى الله عليه وسلم على سريره في بيت عائشة رضي الله عنها ، فأزيح السرير وحفر تحته ودفن النبي صلى الله عليه وسلم .
 
قال : ولمسلم عن جندب سمعت النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، لأن الله اتخذه خليلا و قال : ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله ، صلوات ربي وسلامه عليه ، فإن الله اتخذه خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا .
 
 أحسن الله إليكم فيه مسائل : 
 
ـ الأولى ما ذكر الرسول فيمن بنى مسجدا يعبد الله فيه على قبر رجل صالح و لو صحت نية الفاعل .
 
ـ الثانية النهي عن التماثيل وغلظ الأمر .
 
ـ الثالثة العبرة في مبالغته صلى الله عليه وسلم في ذلك ، كيف بين لهم هذا أولا ثم قبل موته بخمس قال ما قال ، ثم لما كان في النزع لم يكتفي بما تقدم .
 
ـ الرابعة نهيه عن فعله عند قبره قبل أن يوجد القبر .
 
ـ الخامسة أنه من سنن اليهود و النصارى في قبور أنبيائهم .
 
ـ السادسة لعنه إياهم على ذلك .
 
ـ السابعة أن مراده صلى الله عليه وسلم تحذيرنا عن قبره .
 
ـ الثامنة العلة في عدم إبراز قبره .
 
ـ التاسعة معنى اتخاذها مسجدا .
 
ـ العاشرة أنه قرن بين من اتخذها و بين من تقوم عليهم الساعة ، فذكر الذريعة إلى الشرك قبل وقوعه مع خاتمته .
 
ـ الحادية عشرة ذكره في خطبته قبل موته بخمس الرد على الطائفتين اللتين هما أشر أهل البدع ، بل أخرجهم بعض السلف من الثنتين والسبعين فرقة وهم الرافضة و الجهمية و بسبب الرافضة حدث الشرك و عبادة القبور و هم أول من بنى عليها المساجد .
 
ـ الثانية عشرة ما بلي به صلى الله عليه وسلم من شدة النزع .
 
ـ الثالثة عشرة ما أكرم به من الخلة .
 
ـ الرابعة عشرة التصريح بأنها أعلى من المحبة .
 
ـ الخامسة عشرة التصريح بأن الصديق أفضل الصحابة .
 
ـ السادسة عشرة الإشارة إلى خلافته . 
 
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
 
 

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال