شرح كتاب التوحيد : الدرس 29 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب ما جاء في التنجيم ، قال البخاري في صحيحه : قال قتادة : "خلق الله هذه النجوم لثلاث : زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها . فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به" انتهى.
"وكره قتادة تعلم منازل القمر، ولم يرخص ابن عيينة فيه". ذكره حرب عنهما. ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق .
ما جاء في التنجيم أي في حكم التنجيم ، و نقل قول البخاري رحمه الله تبارك و تعالى عن قتادة ، يقول قال قتادة ، و هذه تسمى معلقات البخاري لا تدخل في الصحيح ، و إنما هذه مع الصحيح و ليست من صحيح البخاري و إنما يقال هي مع الصحيح أو في الصحيح و لسيت هي من الصحيح ، و إنما معلقات ذكرها البخاري رحمه الله تعالى لتبيين بعض الأمور و الأحكام ، بمعنى إضافات يضيفها إلى صحيحه .
أما صحيح البخاري فهو المسند الذي يبدأ أوله بحدثنا ، أما إذا قال : قال فلان أو بلغنا أن فلان ، فهذه لا تعد من الصحيح و إنما هي أشياء جمل فيها صحيحه رحمه الله تبارك و تعالى .
كما أن القرآن الكريم الآن الفهرس الذي فيه و المقدمة و الخاتمة و أرقام الصفحات و أسماء السور ، هذه كلها ليست من القرآن و إنما كتبت مع القرآن ، فكذلك هذه المعلقات كتب مع الصحيح وليست من الصحيح و فيها الصحيح و فيها الضعيف ، و لا تعد من صحيح البخاري .
قد يشكل البعض و يقول البخاري فيه حديث ضعيف و يأتي بمعلق ، فنقول له هذا ليس من صحيح البخاري ، نعم هذه كتبها البخاري مع صحيحه لكنها ليست هي من الصحيح .
و نقل قول قتادة رحمه الله تعالى ، و إسناده هذا صحيح عن قتادة ، قال خلق الله هذه النجوم لثلاث : إما أن تكون زينة للسماء، وزينا السماء الدنيا بمصابيح ، و إما أن تكون علامات : وبالنجم هم يهتدون ، و إما أن تكون رجوما للشياطين، و جعلنها رجوما للشياطين .
فهذه النجوم لهذه الأشياء الثلاثة وغير هذا لا يوجد شيء آخر ، و لذلك فهذا فيه رد على من ينظر في النجوم ثم يقول من خلال النجوم سيحدث كذا في يوم كذا ؛ فهذا هو التنجيم ، و هو النظر في النجوم و في الأنواء ثم بعد ذلك يبني على ما رآه في النجوم ما سيحدث في المستقبل ، هذا هو التنجيم أعاذنا الله و إياكم منه .
أما تعلم منازل القمر فهذا هو علم الفلك ، و قتادة و غيره كرهوا تعلم هذا العلم لأنه يؤدي بالناس إلى أن يعتقدوا في هذه المنازل أنها هي التي تفعل ، كما يأتينا في حديث زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : تدرون ما قال ربكم ؟ إلى أن قال : من قال مطرنا بنوء كذا ؛ فهذا كافر بي مؤمن بالكوكب .
لأن الأنواء ـ و هي مواقع النجوم ـ لا تمطر و لا تفعل شيئا و إنما الفاعل هو الله جل و علا ، فالقصد أن تعلم مواقع النجوم من كرهها من السلف كرهها من باب أن الإنسان قد يتوسع ثم يضل بعد ذلك ، و من أذن بها من باب هذا علم ينفع و لا يضر ، و هو تعلم الفلك و هذا لا بأس به إن شاء الله تعالى .
قال رحمه الله تعالى : وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، ومصدق بالسحر، وقاطع الرحم" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه .
قوله ثلاثة لا يدخلون الجنة أي دخولا أوليا ، مثل لا يدخل الجنة قتات ، لا يدخل الجنة قاطع رحم ، المقصود أنهم لا يدخلون دخولا أوليا لكنهم قد يدخلون بعد ذلك دخولا مآليا .
منهم مدمن الخمر ، مدمن الخمر يرتكب كبيرة و ليس بكافر ، فهذا إن مات على التوحيد فسيدخل الجنة و لكن بعد أن ينال عقابه ، لا يدخل دخولا أوليا حتى يهذب من هذا ، و كذلك قاطع الرحم لا يدخل دخولا أوليا و هو ليس بكافر لكنه مرتكب لكبيرة ، و كذلك مصدق بالسحر .
هنا مصدق بالسحر إن كان يؤمن بالسحر و أن الساحر يعلم الغيب فهذا كافر خارج من الملة ، و أما إذا كان مصدق بالسحر أن السحر له أثر فهذا حق ، فيفرق بين هذا و هذا .
و المقصود هنا أنه جاء على طريق الذم الذي يصدق السحرة أنهم يعلمون الغيب و يتصرفون و ما شابه ذلك من الأمور فهذا كافر .
أحسن الله إليكم فيه مسائل:
ـ الأولى : الحكمة في خلق النجوم.
ـ الثانية : الرد على من زعم غير ذلك.
ـ الثالثة : ذكر الخلاف في تعلم المنازل.
ـ الرابعة : الوعيد فيمن صدق بشيء من السحر، ولو عرف أنه باطل.
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة