شرح كتاب التوحيد : الدرس 28 / الشيخ عثمان الخميس

 

شرح كتاب التوحيد : الدرس 28 / الشيخ عثمان الخميس

شرح كتاب التوحيد : الدرس 28 / الشيخ عثمان الخميس

 
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب ما جاء في التطير وقول الله تعالى: أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ، وقوله : قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ.
 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"  أخرجاه . زاد مسلم "ولا نوء ولا غول" .
 
باب ما جاء في التطير : ما جاء في حكم التطير ، وقول الله تعالى: أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ، وهذا لما تطيروا بصالح عليه الصلاة والسلام ، و تطيروا بموسى و أصحابه صلوات ربي و سلامه عليه .
 
فالقصد أن التطير قديم و ليس فقط في هذه الأمة بل كان في الأمم السابقة ؛ و هي التشاؤم من الشيء فيتطيرون به . يتشاءمون منه ، و الآن تجدون بعضهم ، أنا أذكر حدثني أحدهم يقول : ذهبت إلى دكان ، و وجدته تم فتحه لتوه ، و صاحبنا هذا الذي ذهب للدكان كانت عينه مصابة ، فأول ما رآه قال نفتتح على أعور ، فأغلق الدكان و رجع للبيت .
 
يعني تطير تشاءم ، و أذكر أني صار لي حادث سيارة مع شخص صدمته لكن ليست صدمة قوية ، فنزل و نزلت أنا معه فبدأ يصيح فقلت له : ليس هناك شيء خطير و لله الحمد ، لا سيارتك سار فيها شيء و لا سيارتي سار فيها شيء ، الأمر سهل جدا ، قال : لا أنا بسبب هذا الأمر لن أسافر . فتطير من هذه الحادثة البسيطة . 
 
على كل حال القصد أن التطير هذا من الشيطان و هو محرم ، قوله تبارك و تعالى : قالوا إن تطيرنا بكم ، قالوا طائركم معكم ، الطائر أي التشاؤم ، فتشاؤمكم منكم أنتم . 
 
ليس هناك تشاؤم ليس هناك تطير أصلا ، و إن كانوا يتشاءمون بموسى و من معه ، طيب ، و قالوا طائركم معكم ، لما قالوا إنا تطيرنا بكم ، قالوا طائركم معكم ، أنتم جلبتم الشؤم لأنفسكم بترككم الإيمان بالله تعالى . 
 
و قال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"  وفي مسلم "ولا نوء ولا غول" .
 
كل هذه الأشياء كان يتناولها العرب ولا زال كثيرون يتناولون مثل هذه الأمور ، العدوى هي أن يعدي الإنسان الآخر ، و قول النبي صلى الله عليه و سلم لا عدوى ؛ ذكر أهل العلم أن بعضهم قال : ليس هناك شيء اسمه عدوى ، و العدوى لا تنتقل من شخص إلى آخر . 
 
و لذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العدوى قال : و من أعدى الأول ؟ يعني كما أصيب الأول ابتداء يصاب الثاني و يصاب الثالث ، فلماذا تدعون أن هناك عدوى .
 
و ذهب الأكثر إلى أن هناك عدوى لقول النبي صلى الله عليه و سلم : فر من المجذوم فرارك من الأسد ، و قال : لا يورد ممرض على مصح حتى لا يعديه .
 
فالصحيح أنه هناك عدوى و لكنها بإذن الله سبحانه و تعالى ، العدوى موجودة و لكنها بإذن الله ليست لذاتها ، و إذا أذن الله أن لا تنتقل العدوى لا تنتقل ، و لذلك تجد الإنسان المريض يدخل عليه ثلاثة أربعة يعدى واحد و لا يعدى ثلاثة فلو كانت العدوى هي التي تتسلط كانت أعدت الجميع .
 
و أحيانا يدخل ثلاثة على واحد و لا يعدى أحد منهم ، فهي سبب و الذي يجري هذا السبب أو يمنع هذا السبب هو الله سبحانه وتعالى . فيكون المعنى لا عدوى بذاتها و إنما بأمر الله سبحانه و تعالى .
 
و لا طيرة أو التشاؤم كما قلنا من الطير عندما يترك في السماء ، و لا هامة و هي أيضا نوع من الطيور قيل هو الغراب و قيل غيره ، و المهم نوع من الطيور أيضا ، قال و لا صفر كانوا يتشاءمون أيضا من شهر صفر ، و لا نوء ـ الأنواء هي مواقع النجوم ـ ، و الغول هو أيضا يعني نوع من مخيلات الناس أنه يأتي الغول و يفسد على الناس حياتهم ، وقيل جمعها غيلان و هي تخرج إلى الناس في الظهيرة و أحيانا بالليل تخوفهم .
 
و هذا كله من توهمات الناس ، و الغالب إذا كانت موجودة فهي من الجن ، فالجن يؤذون الناس و يهيبونهم و العلم عند الله جل وعلا .
   
 
أحسن الله إليكم قال رحمه الله : ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة" . 
 
ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: "ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما؛ فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك" .
 
نعم لا عدوى و لا طيرة ويعجبني الفأل ، لأن الفأل فيه إقدام فيه شيء من العمل ، و إن كان الفأل أيضا نوع من التخمين في المستقبل ، لكن مشكلة الطيرة أنها تمنع الإنسان من التقدم ، فهي ترد الإنسان ، بينما الفأل يجعل الإنسان يقدم على عمله .
 
و النبي صلى الله عليه و سلم كان يعجبه الفأل ، كان يسمع الكلمة الطيبة فيستبشر خيرا ، أو يرى الرجل صاحب الوجه الوضيء فيفرح ، أو يسمع اسما طيبا فيفرح لذلك .
 
و ذكر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه في صلح الحديبية جاءه عروة بن مسعود و جاءه زعيم الأحابيش ، وجاءه بديلة بن ورقاء و النبي صلى الله عليه و سلم يعني يطرح عليهم و يطرحون عليه حتى جاء سهيل بن عمرو فقال سهل أمركم .
 
قالوا استبشر النبي باسمه أنه سهيل و ما يعرفه عنه من حلمه و عقله و كذا فقال سهل أمركم ، و فعلا جاء سهيل و كان صلح الحديبية بينه و بين النبي صلى الله عليه و سلم . 
 
قال رحمه الله تعالى : وعن ابن مسعود مرفوعا: "الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل"  رواه أبود داود والترمذي وصححه. وجعل آخره من قول ابن مسعود. 
 
و هذا الصحيح فهذا ليس من قول النبي و لا يمكن أن يكون من قول النبي صلى الله عليه و سلم ، و هو قوله : و ما منا إلا ، يعني يقع منه هذا الشيء ، الرسول صلى الله عليه و سلم معصوم ، فهذا و ما منا إلا و يقع منه هذا الشيء هذا من كلام ابن مسعود عن نفسه و أمثاله ، و ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه و سلم لأن النبي معصوم صلوات ربي و سلامه عليه .
 
و هو كما قال الترميذي أن آخره من كلام ابن مسعود ، أي أن هذا الحديث مدرج يقال له أدرجه ابن مسعود في الحديث .
 
قال رحمه الله تعالى : ولأحمد من حديث ابن عمرو: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك" .
 
لا طير إلا طيرك يعني لا يحدث إلا ما كتبت ، و هذا الحديث أيضا من رواية ابن لهيعة ؛ و عبد الله بن لهيعة ذكرنا أكثر من مرة أنه سيء الحفظ رحمه الله تعالى . 
 
وله من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنه: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك" .
 
كذلك هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم .
 
أحسن الله إليكم فيه مسائل:
 
ـ الأولى : التنبيه على قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}  مع قوله: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ}.
 
ـ الثانية : نفي العدوى.
 
ـ الثالثة : نفي الطيرة.
 
ـ الرابعة : نفي الهامة.
 
ـ الخامسة : نفي الصفر.
 
ـ السادسة : أن الفأل ليس من ذلك، بل مستحب.
 
ـ السابعة : تفسير الفأل.
 
ـ الثامنة : أن الواقع في القلوب من ذلك مع كراهته لا يضر، بل يذهبه الله بالتوكل.
 
ـ التاسعة: ذكر ما يقول من وجده.
 
ـ العاشرة: التصريح بأن الطيرة شرك.
 
ـ الحادية عشرة: تفسير الطيرة المذمومة.
 
المقصود بالطيرة المذمومة هي ما أمضاك أو ردك ، و هذه هي الطيرة المقصودة ، أي التي أثرت في إقبالك و إدبارك .
 
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
 

 
 
 
 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال