شرح كتاب التوحيد : الدرس 4 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم ، قال رحمه الله تعالى : باب الخوف من الشرك ، وقول الله عز وجل : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
وقال الخليل عليه السلام : واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ، نعم باب الخوف من الشرك ، أن الإنسان لا بد أن يخاف على نفسه من الشرك ، إذا كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَام وهو من هو؟ صلوات ربي وسلامه عليه ، الحنيف الذي مدحه الله تبارك وتعالى وأمر نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به صلوات ربي وسلامه عليه ، يقول : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَام ، فكيف بحالنا نحن نأمن ذلك ؟
فالإنسان لا بد أن يخاف دائماً على نفسه من أن يقع في الشرك ، وقد سمع رجل أبا الدرداء الصحابي الجليل رضي الله عنه يدعو ، فكان يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ، فقال له الرجل : أتقول هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتخاف على نفسك من النفاق؟ فقال : إي والله إني أخاف على نفسي منه ، فلا تغرني نفسي .
فالإنسان لا بد أن يكون وجلاً لأن القلوب تتقلب ، والإنسان قد يكون اليوم صالحاً ، وغداً لا يكون صالحاً ، فيخاف الإنسان دائماً على نفسه ، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون .
فعلى الإنسان دائماً أن يحذر من هذا الأمر ، وأن يهتم به كثيراً ، وأن يبتعد عن الشرك وأسبابه ، وقوله : الخوف من الشرك ، يقول الله جل وعلا : إن الله لا يغفر أن يشرك به ، قال النووي رحمه الله تبارك وتعالى : أما دخول المشرك النار فهو على عمومه ؛ يعني كل مشرك يدخل النار .
إن الله لا يغفر أن يشرك به ، يشمل جميع المشركين ، قال : لا فرق بين الكتابي وبين الوثني وسائر الكفرة ، ولا فرق بين الكافر عناداً أو غيره ، ولا بين من خالف ملة الإسلام أو المرتد ؛ كلهم سواء .
صحيح يتفاوت عذابهم في النار ، كما قال الله تبارك وتعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، نعم يتفاوت الكفار في عذابهم ؛ يعني ليس الكافر المسالم كالكافر الداعي إلى الكفر كالكافر الذي يقتل المسلمين ، ويسعى في هدم دين الإسلام ، يختلفون قطعا .
ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي جهل فرعون هذه الأمة ، فلا يقارن أبو جهل مثلاً برجل مشرك من عامة المسلمين ، كالمطعم بن عدي مثلاً ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لو كان المطعم حيًّا ثم سألني هؤلاء النّتنى لوهبتهم له ، وهو كان قد أجار النبي صلى الله عليه وسلم لكن لم يدخل في الإسلام .
فعلى كل حال المشركون يتفاوتون لكن في النهاية كلهم في النار ، والنار دركات ، فليسوا على منزلة واحدة في النار والعياذ بالله ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن عمّه أبي طالب لما سئل هل نفعت عمك بشيء؟ قال : نعم يوضع تحت قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ولولا أنا لكان في ضحضاح من النار .
خفف من عذابه لأنه نصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ونصر الدعوة في أول الأمر ، لكنه لم يدخل في دين الله تبارك وتعالى ، وظل على ملة عبد المطالب ، فالقصد أن الكفار بشتى أنواعهم من أهل النار بغض النظر عن (...) ، لكن في النار يتفاوتون في شدة العذاب أعاذنا الله وإياكم من النار .
نعم قال رحِمَه الله تعالى : وفي الحديث أخوفُ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغر ، فسُئِل عنه فقال : الرِّياء ، نعم هذا الحديث مُرسَل من رواية محمود بن لبيد ، واختُلِفَ في محمود بن لبيد هل هو صحابي أو تابعي ، فمن قال إنه صحابي حسن حديثه ، قوَّاه ، ومن قال إنه تابعي قال إنه يعني منقطع مُرسَل .
هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن النصوص الأخرى تدل عليه ، والرياء هو نوع من الشرك ، الرياء نوع من الشرك ، والرياء إذا دخل العبادة أفسدها ، إذا دخل العبادة أفسدها إذا كان في أولها ، وإن كان في وسطها ، فينظر يعني هل يفسدها أو لا يفسدها .
فقال بعضهم إن كان في وسطها فإنه يفسدها ، وقال آخرون إن كان في وسطها فيفسد ما تعلق به من العبادة ، يعني هذا الجزء هو الذي يفسد ولا تفسد العبادة كلها ، وأما الرياء الطارئ وهو الذي يعني يصارعه الإنسان ، يعني يأتيه الرياء يريد أن يدخل عليه و هو يقاومه لا يريد أن يسمح له بالدخول ؛ فهذا الطارق إذا كان يقاومه الإنسان و لا يريد أن يدخل عليه فهذا ليس عليه شيء .
وهذا أدى ما عليه ، لكن إذا استسلم له و صار الرياء هو السمة الغالبة على فعله ، فهنا هذا يؤثر في العبادة إما أن يفسدها و إما أن يفسد ما دخل عليه هذا الرياء والله المستعان .
نعم قال رحمه الله تعالى : وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مات وهو يدعو لله ندًا دخل النار . رواه البخاري . ولمسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار .
طبعاً دخل الجنة إما دخولاً أولياً وإما دخولاً مآلياً ، دخولاً أولياً إذا سلم من الشرك وسلم من الكبائر ، دخولاً مآلياً أي بعد ذلك سيدخل الجنة ، آخرته سيدخل الجنة ، في النهاية سيدخل الجنة ، هذا قد يكون الدخول المآلي ؛ وهو إذا كانت عنده كبائر هذا تحت المشيئة قد يعذب ثم يدخل الجنة ، وقد يعفى عنه و أمره إلى الله تبارك و تعالى .
إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، نعم أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى الخوف من الشرك .
ـ الثانية أن الرياء من الشرك .
ـ الثالثة أنه من الشرك الأصغر ـ أي الرياء ـ .
ـ الرابعة أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين .
ـ الخامسة قرب الجنة والنار .
ـ السادسة الجمع بين قربهما في حديث واحد .
ـ السابعة أنه من لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ولو كان من أعبد الناس .
ـ الثامنة المسألة العظيمة سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام .
ـ التاسعة اعتباره بحال الأكثر لقوله : رب إنهن أظللن كثيراً من الناس .
ـ العاشرة فيه تفسير لا إله إلا الله كما ذكره البخاري .
ـ الحادية عشرة فضيلة من سلم من الشرك .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة