شرح كتاب التوحيد : الدرس 8 / الشيخ عثمان الخميس
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخه ولوالدينا وللمسلمين أجمعين اللهم آمين ، قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب ما جاء في الرقى والتمائم .
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسولا ألا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتولة شرك ، رواه أحمد وأبو داوود .
قال باب ما جاء في الرقى والتمائم أي في حكمهما ، في حكم الرقى والتمائم ، قال في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأسفار فأرسل الرسول ألا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة ، أو قلادة هذا يعني شك من الراوي وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما الراوي شك هل قال النبي صلى الله عليه وسلم قِلَادَة من وتر أو قَالَ قِلَادَة فَقَط ؟ ليس من كلام النبي قِلَادَة من وتر أو قِلَادَة ، وإنما الراوي شكّ ماذا قال ، وهذا من دقتهم رحمهم الله تبارك وتعالى ، وأنه يقول لا أذكر تماما هل قال قِلَادَة من وترَ أو قَالَ قِلَادَة .
وعن ابن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الرقى والتمائم والتولة شرك ، هذا الحديث مختلف في صحته والأقرب والعلم عند الله أنه لا يثبت ، فيه ابن أخت زينب امرأة ابن مسعود ، وهو رجل مجهول لا يعرف ، وبالتالي فلا يُحكم بالصحة على هذا الحديث ، وله أكثر من طريق لكن كلها معلة .
قال رحِمَهُ الله تعالى وَعَنْ عبد الله بن عُكَيْمٍ مرفوعا مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئا وُكِلَ إِلَيْهِ ، رواه أحمد والترمذي ، كذلك هذا الحديث فيه محمد بن ... أبي ليلى سيء الحفظ ، وفيه كذلك إرسال فلا يثبت ، لكن المعاني كلها صحيحة ، كلها جاءت في أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أحسن الله إليكم ، قال رحمه الله تعالى : التمائم شيء يعلق على الأولاد عن العين لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف وبعضهم لم يُرخِّص ويجعله من المنهي عنه . منهم ابن مسعود رضي الله عنه .
والرُّقى هي التي تُسمَّى العزائم وخصَّ منها الدليل ما خلَى من الشرك ، فقد رخَّص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحُمَة .
التمائم شيء يُعلَّق على الأولاد من العين وقد تكون على الكبار أيضاً ، هذه الأشياء تُعلَّق على الكبار تمنع العين وتكتب فيها عادة آيات من كتاب الله تبارك وتعالى وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وتعلق على الكتف أو على العضد أو في الرقبة أو غير ذلك ، وأكثر أهل العلم على المنع منها حتى لا يفتح الباب ، سدًا للذريعة حتى لا يفتح الباب لتعليق ما لا يفهم ، مما يعلقه المشعوذون وغيرهم .
ورخص بعض أهل العلم في تعليق هذه ، ونقل عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه أنه كان يعلق بعض الآيات على الأطفال حتى يحفظوها ، فقالوا من هذا الباب ، وحتى لا تمتهن حقيقة فتمنع من التعليق ، إذا كنا متيقين أنها آيات قرآنية أو أحاديث نبوية ، أما إذا كانت أشياء لا تفهم أو طلاسم أو دعاء الجن ، أسماء الجن أو غير ذلك فهذه قطعا لا تجوز بالإجماع ، باتفاق أهل العلم .
أما الرقى ، الرقى هي ما يُلقى على الإنسان ما يُقرأ عليه ويُرقى بها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي ويُرقى صلى الله عليه وسلم ، رقاه جبريل ورقته عائشة ، ورقى النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين وغيرهما ، فالرقى لا بأس بها لكن بشرط أن تكون يعني بآيات أو أحاديث أو كلام مفهوم كالدعاء وغيره ، أما إذا كانت كلام لا يفهم فهذه أيضاً لا تجوز .
نعم قال رحِمه الله تعالى : وَالتِّوَلَةُ هِيَا شَيْءٌ يَصْنَعُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ الْمَرأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَالْرَجُلَ إِلَى امرأَتِهِ ، نعم والتِّوَلَة هي ما يُسمى بالصرف والعطف ، وهو السحر الذي يعملونه للتفريق بين الزوجين أو للجمع بينهما عادة ، ولكن قد يكون مع غير الزوجين كالأب وابنه ، والأم وابنها والأخ وأخيه وما شابه ذلك من الأمور .
فالتولة شيء يصنعونه للتفريق بين الناس أو الجمع بينهم ولذلك سمّي الصرف والعطف ، أي صرف الناس بعضهم عن بعض أو عطف بعضهم على بعض .
روى الإمام أحمد عن رويفع قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم ، فإن محمدا بريء منه ، وهذا الحديث أيضا فيه خلاف في صحته ، حسنه بعض أهل العلم كالألباني رحمه الله تعالى والنووي ، وضعفه آخرون ، وهو قابل للتحسين لكن الظاهر والله العالم أنه أقرب إلى الضعف .
ومعنى قول النبي صلى الله من عقد لحيته ، فالناس كانوا يعقدون لحاهم لأجل أن يدفعوا بهذا شراً أو ما شابه ذلك من الأمور ، أشياء يعني توهمات كانوا يتوهمونها في ذلك الزمان ، أو تقلد وتراً يعني لبس أي علق على نفسه وتراً ؛ أي خيطاً وما شابه ذلك ، أو استنجى برجيع دابة أو عظم ، أما الرجيع فلنجاسته ، وأما العظم فإنه الأصل فيه أنه طعام دواب الجن ، أو طعام الجن أنفسهم وحتى الرجيع يكون يعني طعاماً لدواب الجن لكن على كل حال أنه لا يجوز للإنسان أن يستنجي برجيع .
وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم يوما حاجته يقول ابن مسعود فجئته بحجرين وروثة حمار ، فأخذ الحجرين و ألقى بالروثة ، و قال إنها رجز ، فلذلك لا يجوز أن يستنجى بالرجيع ولا بالعظم .
و عن سعيد بن جبير قال : من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة ، رواه وكيع ، و له عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن و غير القرآن .
قوله من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة ، يعني كأنه أعتقه من النار ، يعني أنه أعتقه ، نجاه الله على يديه من النار .
أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى تفسير الرقى وتفسير التمائم .
ـ الثانية تفسير التولة .
ـ الثالثة أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء .
ـ الرابعة أن الرقية بالكلام الحق من العين والحمة ليس من ذلك .
ـ الخامسة أن التميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف العلماء هل هي من ذلك أم لا .
ـ السادسة أن تعليق الأوتار على الدواب من العين من ذلك .
ـ السابعة الوعيد الشديد في من تعلق وترا .
ـ الثامنة فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان .
ـ التاسعة أن كلام ابراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة