شرح كتاب التوحيد : الدرس 7 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم ، قال رحمه الله تعالى باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه ، وقول الله تعالى : قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره .
نعم الآية ، قال باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه ، الدفع والرفع ، الدفع أهوَن من الرفع ، والدفع قبل أن يقع البلاء ، وهو ما يسمى الوقاية ، وأما الرفع فهو العلاج ، والوقاية خير من العلاج .
والمقصود هنا أن هذا من الشرك ، من الشرك الأصغر وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد فيها ؛ في ذاتها أنها تنفع وتضر بذاتها فهذا شرك أكبر ، وإن اعتقد أنها سبب ولم يجعلها الله سبباً فهذا من الشرك الأصغر .
قال وقول الله تبارك وتعالى : قُلْ أَفَرَأيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍ هَلْ هُنَّكَ كاشِفَاتُ ضُرِّهِ ، أي لا تكشف ضرَّه سبحانه وتعالى ، لأن الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى .
و نوح عليه الصلاة والسلام لما ناظر قومه قال : إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت ، فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا يكون أمركم عليكم غمّة ، ثم اقضوا إلي ولا تنظرون .
لأنه يعلم أن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى ، لا يملكه إلا الله جل في علاه ، أيا كان فالأمر كله بيد الله جل في علاه ، نعم أحسن الله إليكم ، قال رحمه الله تعالى : عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر ، فقال : ما هذه؟ قال من الواهنة ، فقال انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا ، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا . رواه أحمد بسند لا بأس به .
والظاهر والله أعلم أنه لا يثبت ، هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه انقطاع وفيه أيضا ضعف ، فيه مبارك بن فضالة ، وفيه ضعف وفيه انقطاع فلا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
نعم لكن معناه صحيح أن من لبس شيئا لدفع الوهن عنه فإنها لا تزيده إلا وهنا ؛ يتعلق بها ، والأصل أن يتعلق بالله سبحانه وتعالى .
نعم وَلَهُ عَنْ عُقْبَةَ بِنِ عَامِر مَرفوعا من تعلق تميمةً فلا أتم الله له ومن تعلق ودعةً فلا ودع الله له ، كذلك هذا فيه ضعف ، أيضاً لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيه رجل مجهول خالد بن عبيد وفيه رجل ضعيف وهو مشرح ابن عهان أو هعان .
نعم و في رواية من تعلق تميمة فقد أشرك ، نعم وهذا الحديث مختلف فيه ولكن الأظهر والعلم عند الله أنه يرتقي إلى أن يكون حسنا ، هذا الحديث : من تعلق تميمة فقد أشرك فإنه حسن إن شاء الله تعالى .
ولكن التميمة هو ما يعلق على اليد أو على الرقبة أو في مكان آخر يسمى الجامعة ، وهو أن يجعل الإنسان يعني يكتب فيها بعض الآيات والأحاديث أو الأدعية حتى تذهب عنه ما يجد ، وقد يكتب فيها بعضهم أشياء شركية ، فلذلك جاء في الحديث من تعلق تميمة فقد أشرك ، قال أهل العلم بحسب التميمة ، إن كان فيها آيات وأحاديث وأدعية فهذا لا يقع في الشرك ، وإن كان ينهى عنها على الصحيح ، لأنها تفتح باب الذين يكتبون الشركيات ويضعونها ويعلقونها على الناس ، ولذلك تركها هو الأصل ، ترك التمائم هو الأصل .
وتمنع من ذلك ، لكن إن تعلق آيات وأحاديث وأذكار فهذا أهون ، أما من تعلق أشياء غير مقروؤة أو غير مفهومة ، أو فيها أسماء الجن أو ما شابه ، فهذا هو الشرك والعياذ بالله .
نعم أحسن الله إليكم قال رحمه الله تعالى : ولابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمّة ، فقطعه وتلا قوله : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ، نعم الذي صحّ عن حذيفة رضي الله عنه أنه دخل على مريض يعوده فلمس يده فرأى تعويدا على عضده ، يعني علق تعويدة على عضده ؛ فقام غضبان وقال لو متت وهذه عليك ما صليت عليك . يقول له حذيفة رضي الله عنه .
فالقصد أن الإنسان يبتعد عن هذه الأشياء ، ومنها ما يعلقه الناس اليوم من الأساور وغيرها يقولون لي : يعني يذهب الألم أو ما شابه ذلك من الأمور ، وهذه فيها خلاف حقيقة بحسب اختلاف الأطباء ، فإذا كانت هذه الأساور ثبت علمياً أنها فعلاً تنظم كما قيل كهرباء الجسم ، فهذه جائزة لمن كان عنده مشكلة في كهرباء الجسم ، وأما إن كانت هذه القضية غير ثابتة ، وأنه لا توجد أبحاث علمية تثبت هذا فإنما هي أوهام ، يتوهمها الناس أنها تنظم الكهرباء في الجسم وكذا ، فهذه لا تجوز قطعاً ، وهي محرمة لأنها ليست سبباً ، والسبب إما أن يكون شرعياً وإما أن يكون مجرباً ، فهذا يعني ليس مجربا بحيث أن الأطباء لا يقرون بهذا .
وإن كنت أنا سمعت بعض الأطباء يقول نعم تنظم لكن لما سئلوا عن أبحاث علمية عندهم في هذا الموضوع تثبت هذا الأمر ، قالوا لا هذا هو المعروف ، وبعض الأطباء يقول لا يوجد أبحاث علمية تثبتها . فالأمر يرجع إلى علم الطب ، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، فإن ثبت علمياً أنها علاج حقيقي ليس وهمًا ، وإنما علاج حقيقي للجسم فهي جائزة ، وإن كان لم يثبت من هذا شيء وإنما هو شيء نفسي إذا لبسها ارتاح نفسياً ؛ فهذه من الشرك و يجب نزعها و لا يجوز لبسها بأي حال .
أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى التغليظ في لبس الحلقة والخيط و نحوهما لمثل ذلك .
ـ الثانية أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح ، فيه شاهد لكلام الصحابة أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر .
ـ الثالثة أنه لم يُعذر بالجهالة .
ـ الرابعة أنها لا تنفع في العاجلة بل تضر لقوله : لا تزيدك إلا وهنا .
ـ الخامسة الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك .
ـ السادسة التصريح بأن من تعلق شيئا وكل إليه .
ـ السابعة التصريح بأن من تعلق تميمة فقد أشرك .
ـ الثامنة أن تعليق الخيط من الحمة من ذلك .
ـ التاسعة تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر كما ذكر ابن عباس في آية البقرة .
ـ العاشرة أن تعليق الودع عن العين من ذلك .
ـ الحادية عشرة الدعاء على من تعلق تميمة أن الله لا يتم له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له أي ترك الله له .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة