شرح كتاب التوحيد : الدرس 12 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب من الشرك النذر لغير الله تعالى ، وقول الله تعالى : يوفون بالنذر ، وقوله : وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه .
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، وَمَنْ نَذَر أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِيه .
نعم النذر لغير الله شرك ، لأن النذر عبادة ، و الله مدح الذين يوفون بالنذر ، فقال : إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عين يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ، يوفون بالنذر ويخافون يوم كان شره مستطيرا ، فلما مدحهم الله بهذا فدل على أنه طاعة لله وأنه عبادة لله تبارك وتعالى .
ولذلك لا يجوز أن يصرف النذر لغير الله ، كأن يقول نذرت لفلان فهذا شرك ، لا يجوز أبدا أن ينذر لغير الله تبارك وتعالى ، وهذا من الشرك في العبادات البدنية أو المالية ، يدخل في البدنية والمالية ، هو أن يذبح لغير الله تبارك وتعالى ، وأن ينذر بشكل عام لغير الله تبارك وتعالى سواء كان ذبحاً أو غيره .
والنذر كما قال أهل العلم أنواع ، منها : النذر الواجب وهو أن الإنسان إذا نذر طاعة فإنه يجب عليه أن يوفي بنذره ، وإذا نذر معصية فلا يجوز له أن يفعلها ، نذر أن يقتل نذر أن يسرق نذر أن يعصي فهذا لا يجوز له الوفاء بالنذر وعليه كفارة يمين .
كذلك من نذر أمرا مباحاً فهو مخير كما قلنا ، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقال له أبو إسرائيل ، رآه واقفاً في الشمس فقال : ما له؟ قالوا هذا أبو إسرائيل نذر أن يقف في الشمس لا يكلم أحداً ويصوم ، يعني يقف فلا يجلس في الشمس فلا يستظل ، يسكت فلا يتكلم ، ويصوم فلا يفطر يعني في هذا اليوم ، هذا نذر نذرا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم أمروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه ، إذن استثنى الصوم لماذا ؟ لأن الصوم طاعة ، بينما الوقوف والجلوس، والوقوف بالشمس وعدم كلام الناس هذا ليس فيه طاعة ، هذا مباح فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن فعل هذا الأمر ؛ وفيه كفارة يمين ؛ في هذا النذر المباح .
أشد النذر وأبغضه إلى الله تبارك وتعالى ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم هو نذر العوض ، نذر العوض هو الذي يتعاطه أكثر الناس وهو : اللهم إن شفيت مريضي لأفعلن كذا ، إن نجحت لأفعلن كذا ، إن رجع فلان لأفعلن كذا ، فيجعل معاوضة بينه وبين الله ، هذا لا يجوز ، أن يجعل الإنسان بينه و بين الله معاوضة ، يوهم أن الله محتاج إلى هذا النذر ، أو محتاج إلى هذا الإطعام ، أو محتاج إلى هذا الصيام ، أو محتاج إلى هذه العبادة ، أبدا الله غني عنا سبحانه وتعالى .
لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، وهذا النذر نذر المعاوضة نهى عنه النبي صلى الله عليه و سلم ، قال : نهى عن النذر ، و قال : إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخلص به من البخيل .
فالقصد هو أن الإنسان يبتعد عن هذه النذور ، وإنما بدل ما ينذر يدعو ، يسأل الله تبارك وتعالى ، سؤال المتضرع سؤال المتذلل سؤال المحتاج ، لا أن ينذر كأنه يشترط على الله تبارك و تعالى كأنه يقول : اللهم إن شفيت مريضي سأصوم ، مفهومه إن ما شفيته لن أصوم ، اللهم إن رد فلان سأصلي لك ركعتين ، مفهومه إذا ما رد لن أصلي لك ركعتين ، كأنه يساوم ، وهذا لا يجب أن يكون بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى .
وهناك نذر اللجاج وهو الغضب ، هذا أيضا فيه كفارة يمين ، والله أعلم . من نذر أن يطيع الله فليطعه ، من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه وليكفر كفارة يمين ، فيه زيادة وهي صحيحة إن شاء الله تعالى .
نعم أحسن الله إليكم فيه مسائل :
ـ الأولى وجوب الوفاء بالنذر .
وجوب الوفاء بالنذر إن كان طاعة ، أما إذا لم يكن طاعة فكما فصلنا قبل قليل : إن كان معصية لا يجوز ، إن كان مكروه لا يُكره ، إن كان مُباحاً مُخيَّر بين الوفاء و عدم الوفاء .
ـ الثانية إذا ثبت كونه عبادة لله فصرفه إلى غيره شرك .
ـ الثالثة أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة