شرح كتاب التوحيد : الدرس 38 / الشيخ عثمان الخميس

 

شرح كتاب التوحيد : الدرس 38 / الشيخ عثمان الخميس

شرح كتاب التوحيد : الدرس 38 / الشيخ عثمان الخميس

 
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله ، وقال ابن عباس: "يوشك أن تنْزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبو بكر وعمر؟ ".
 
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، ويذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك؛ لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
 
بسم الله الرحمن الرحيم : ما زلنا مع كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي رحمه الله تبارك و تعالى ، وهذا باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله ؛ و إن ادعى غير ذلك ، و لا بد أن يقدم قول الله و قول رسوله على قول كل أحد .
 
و ذكر أثر ابن عباس رضي الله عنه ؛ و ذكر أن هذا الأثر لما كان أبو بكر و عمر يأمران الناس بالإفراد بالحج ، و ذلك حتى لا يعرى بيت الله سبحانه و تعالى ، أعني لا يعرى أنه بعض الناس لا يأتيه إلا مرة في السنة فيحج و يعتمر لكونه قارنا أو متمتعا و لا يأتي إلا في السنة التي بعدها أيضا ليحج و يعتمر .
 
 خاصة في السابق كان عدد الحجاج قليل ليس كمثل الآن حيث يمنعون الناس من الحج لكثرة الحجاج حتى يعطوا الفرصة لغيرهم .
 
حتى يأتي الناس فيحجون مفردين ثم يأتون في وسط السنة في أولها أو آخرها معتمرين ، فابن عباس رضي الله عنه لما أمر الناس بالقران كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم ؛ قيل له إن أبا بكر و عمر كان ينهيان عن ذلك فقال : يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء ؛ أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبو بكر وعمر؟ مع تعظيم ابن عباس لعمر خاصة عمر ، و تعظيمه أيضا لأبي بكر ، فأبو بكر أفضل من عمر ، لكن ابن عباس كان مقتديا بعمر حتى أنه لما توفي عمر سارت لابن عباس أراؤه و أقواله ، فقيل له : ما كنت تقول ذلك في عهد عمر : قال كنت أهابه ، يعني هيبة محبة و ليست هيبة خوف ، و كان يتبع أقوال عمر .
 
و لكن هنا لما سار الأمر أبو بكر و عمر في مقابل الرسول صلى الله عليه و سلم غضب ابن عباس و قال يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول قال رسول الله و تقولون قال : أبو بكر و عمر .
 
و جاء في لفظ آخر و هو أصح : أراهم سيهلكون أقول قال النبي صلى الله عليه و سلم و يقولون : قال أبو بكر و عمر ، و في بعض طرق هذه الرواية أن عروة ابن الزبير أنكر على ابن عباس ، و عروة بن الزبير من كبار علماء التابعين و هو ابن أخت عائشة بن أسماء بنت أبي بكر و أنكر على ابن عباس ذلك ، و قال له أبو بكر و عمر أعلم منك برسول الله و أتبع له .
 
يعني ليس هذا من قول أبي بكر و عمر من باب الرأي و لكن من باب فهمهما لقول النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعهما أكثر منك للنبي صلى الله عليه و سلم ، يقول ابن أبي مليكة : فخصم عروة ابن عباس .
 
على كل حال نحن نريد الفائدة وهي أن قول النبي صلى الله عليه و سلم لا يقدم عليه قول أحد من البشر ، مهما كان هذا الإنسان و لو كان مثل أبي بكر و عمر رضي الله تبارك و تعالى عنهما و صلى الله على نبينا محمد .
  
قال و قال أحمد : عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يعني يستطيعون أن يصلوا إلى صحة الحديث أو ضعفه من خلال النظر في الإسناد ويذهبون إلى رأي سفيان، وسفيان هو الثوري و هو إمام و كان له أتباع و كان له مذهب رحمه الله تعالى ، و الأوزاعي له مذهب و ابن أبي ذئب كان له مذهب .
 
 و لكن قدر الله سبحانه وتعالى أن هذه المذاهب الأربعة : مذهب أحمد و مذهب مالك و الشافعي  و أبي حنيفة رحمهم الله تبارك و تعالى ؛ هذه المذاهب الأربعة هي التي كان لها تلاميذ نشروا هذه المذاهب و إلا كان غيرهم من أهل العلم أيضا لهم مذاهب و لهم أتباع و لهم أنصار و أناس يهتمون بأقوالهم لكن اندثرت و سارت تنقل كنقل غيرها من أقوال أهل العلم ، على كل حال أحمد يعظم سفيان و لكن يقول لا تقدموا قول سفيان و رأيه على حديث النبي صلى الله عليه و سلم.
 
أحسن الله إليكم قال رحمه الله : عن عدي بن حاتم: "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} فقلت له: إنا لسنا نعبدهم. قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى. قال: فتلك عبادتهم" رواه أحمد والترمذي وحسنه.
 
هذا الحديث حديث عدي بن حاتم له طرق كثيرة تقويه ، ويرتقي إن شاء الله تعالى إلى درجة الحسن أو الحسن لغيره ، و عدي بن حاتم كان من علماء و أحبار النصارى .
 
 و أبوه حاتم الطائي معروف و كان من النصارى ، و عدي كان من علمائهم و أحبارهم و لما أسلم عدي بن حاتم سمع قول الله تبارك و تعالى : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فاستغرب و قال يا رسول الله ما عبدناهم ، ما اتخذناهم أربابا ، فكأنه يقول فهمني هذه الآية ، فبين له النبي صلى الله عليه و سلم و قال له : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى. قال: فتلك عبادتهم .
 
كما قال الله جل و علا : أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ، فمن حرم و أحل معارضة لأمر الله تبارك و تعالى فهو ادعى أنه رب و أنه له أن يشرع و العياذ بالله .
 
 
أحسن الله إليكم فيه مسائل:
 
ـ الأولى : تفسير آية النور.
 
ـ الثانية : تفسير آية براءة.
 
ـ الثالثة : التنبيه على معنى العبادة التي أنكرها عدي.
 
ـ الرابعة : تمثيل ابن عباس بأبي بكر وعمر وتمثيل أحمد بسفيان.
 
ـ الخامسة : تغير الأحوال إلى هذه الغاية حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، وتسمى الولاية، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه، ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من دون الله من ليس من الصالحين، وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين.
 
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال