شرح كتاب التوحيد : الدرس 50 / الشيخ عثمان الخميس
أحسن الله إليكم قال المصنف رحمه الله تعالى : باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، قال ابن حزم : اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك حاشى عبد المطلب.
وعن ابن عباس في الآية : "قال لما تغشاها آدم حملت فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعاني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن يخوفهما، سمياه عبد الحارث. فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا، ثم حملت فأتاهما فقال مثل قوله، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا. ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} " رواه ابن أبي حاتم. وله بسند صحيح عن قتادة قال: "شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته".
وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} قال: "أشفقا أن لا يكون إنسانا" وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.
وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} قال: "أشفقا أن لا يكون إنسانا" وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.
باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، ثم نقل قول ابن حزم رحمه الله تعالى : اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله ، فلا يجوز أن تكون الأسماء إلا معبدة لله تبارك و تعالى ، كعبد الله و عبد الرحمان ، عبد العزيز ، عبد الكريم و هكذا ، أن تعبد لله .
و لا يجوز أن يعبد لغير الله تبارك و تعالى أي اسم كان ، فلا يقال عبد الكعبة ، و لا يقال عبد عمرو و لا عبد علي و لا عبد الزهراء و لا عبد النبي . وغير ذلك من الأسماء التي يتسمى بها الناس ، كل هذا لا يجوز و هذا من الشرك أي التعبد لغير الله تبارك و تعالى بهذه الأسماء .
قال : حاشى عبد المطلب ، اختلفوا في اسم عبد المطلب هل هذا يعني أيضا لا يجوز أو أنه يجوز ، وسبب اختلافهم أن النبي صلى الله عليه و سلم له ابن عم اسمه عبد المطلب و كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير أسماء الصحابة رضي الله عنهم ، فكانت أسماء بعضهم : عبد الكعبة و عبد شمس ، و قيل أن أبا هريرة كان اسمه عبد شمس ، و عبد الرحمن بن عوف كان اسمه عبد الكعبة أو عبد شمس ، فغير النبي أسماءهم صلى الله عليه وسلم .
و سما عبد الرحمن بن عوف سماه بعبد الرحمن ، و سما أبا هريرة بعبد الرحمن و هكذا ، قالوا النبي له ابن عم لم يغير اسمه ، و لو كان محرما لغيره النبي صلى الله عليه و سلم ، و هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، و هو الذي اشتهر بحديث الزكاة لما دخل هو و الفضل بن عباس على النبي صلى الله عليه وسلم يسألانه أن يجعلهما على الصدقة أي العاملين عليها ، قالوا كون النبي لم يغيره دل على جوازه ، يعني هذا استثناء لعبد المطلب .
و في بعض الروايات يعني اختلاف بين أهل الحديث أنفسهم ، لأن بعض علماء الحديث في كتب الرجال يسمونه المطلب ، و بعضهم يسميه عبد المطلب ، و سبب الخلاف هو الخلاف في اسمه ، فمن قال إن اسمه المطلب بن ربيعة بن الحارث يقول لا يجوز عبد المطلب لأن النبي لم يأذن به .
و من قال إن اسمه عبد المطلب كما جاء في رواية مسلم فقالوا إذن عبد المطلب جائز ، قالوا لأنه ليس تعبدا لله ، كحال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم هو لم يتعبد لله أي لم يدخل في الإسلام ، و إنما كونه عبدا للمطلب ، و شيبة الحمد جد النبي صلى الله عليه و سلم لما أتى به عمه عبد المطلب من المدينة كان قد تربى عند أخواله من الخزرج و أخذه المطلب بن عبد مناف عمه و رجع به إلى قريش لما بلغ الثانية عشرة من عمره تقريبا ليتربى عند أعمامه فظن بعضهم أنه عبد اشتراه المطلب ، فقالوا جاء المطلب و معه عبده ، فقال : هذا ليس عبدي هذا ابن أخي هاشم ، و هاشم كان قد توفي ، قال ابن أخي هاشم شيبة الحمد ، لكن مسكت عليه عبد المطلب ، و لذلك لا بد أن نفرق بين المطلب و عبد المطلب ، عبد المطلب جد النبي ، المطلب عم عبد المطلب ، لذلك الإمام الشافعي يقال له الإمام المطلبي ، لأنه نسبه يرجع إلى المطلب بن عبد مناف ، و المطلب أخو هاشم و عم عبد المطلب ، على كل حال المهم أنه اختلف أهل العلم في اسمه هل هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أو المطلب بن ربيعة بن الحارث ، فمن قال اسمه المطلب بن ربيعة بن الحارث قال لا يجوز عبد المطلب ، و من قال هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال يجوز عبد المطلب لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يغير اسمه ، و هذا هو سبب الخلاف في المسألة و لا شك أن ترك هذا هو الأولى خروجا من الخلاف في هذه المسألة .
و أما القصة التي ذكرها عن ابن عباس رضي الله عنهما في أنه جاء إبليس إلى آدم و حواء وقال لهما سميا عبد الحارث هذه قصة لا أصل لها و الصحيح أنها غير ثابتة أبدا ، و آدم نبي معصوم لا يمكن أن يطيع الشيطان في هذا الأمر .
و هو أن يقول له سمه عبد الحارث ، و الحديث نفسه منقطع فلا يثبت أبدا ، و آدم عليه السلام لو كان قال هذا أو فعل هذا الأمر كان يعتذر به لأن الناس يأتون آدم يوم القيامة فيقول له اشفع لنا عند ربك ، لكنه اعتذر بماذا ؟ اعتذر بقوله : و هل أخرجكم من الجنة غيري بأكله من الشجرة .
فلو كان آدم وقع منه هذا الأمر الشنيع وهو أنه سمى عبد الحارث ، و قال أن الحارث هو اسم الشيطان لكان أولى أن يعتذر بهذا الأمر . لأن هذا جرم أعظم ، لكنه لم يقع هذا الجرم من آدم على الصحيح و العلم عند الله جل وعلا .
أحسن الله إليكم فيه مسائل:
ـ الأولى : تحريم كل اسم معبد لغير الله.
ـ الثانية : تفسير الآية.
ـ الثالثة : أن هذا الشرك في مجرد تسمية لم تقصد حقيقتها.
ـ الرابعة : أن هبة الله للرجل البنت السوية من النعم.
ـ الخامسة : ذكر السلف الفرق بين الشرك في الطاعة والشرك في العبادة.
والقصة التي ذكرت ليست لأشخص معينين و إنما هو مثال ذكر أو لأناس مجهولين و ليست في آدم و حواء بدليل قوله تعالى : فتعالى الله عما يشركون ولم يقل يشركان ، أي كل من يفعل مثل هذا الأمر و الله أعلم .
يمكنك الاستماع إلى هذا الدرس عبر الفيديو التالي :
التسميات
دروس العقيدة